علاء سليم يكتب ..... ليس بكثرة الأحزاب تتعافى الدول... كفانا تهريجًا
جريدة جماهيرفي كثير من الدول النامية، يتنامى مشهد التعددية الحزبية كوسيلة لتحقيق الديمقراطية والتنمية. لكن هل حقًا تساهم كثرة الأحزاب في تعافي الدول من أزماتها؟ أم أن هذه التعددية تحولت إلى فوضى سياسية تُعطِّل مسارات التقدم وتُربك الشعوب؟
إن وجود الأحزاب في أي دولة يعكس تنوع الآراء والأفكار، وهذا مطلوب لتطوير العمل السياسي. لكن عندما تتحول الأحزاب إلى كيانات هشة تعتمد على الشعارات الشعبوية والصراعات الشخصية، فإنها تصبح عائقًا أمام الإصلاح الحقيقي. فالهدف من وجود الأحزاب هو خدمة الوطن والمواطن، وليس مجرد التنافس على السلطة دون تقديم برامج واقعية ومُجدية.
كثرة الأحزاب تُشتت الجهود وتُضعف من قوة العمل الجماعي. بدلًا من التكاتف لتحقيق نهضة شاملة، نجد أنفسنا أمام مشهد مليء بالصراعات الحزبية التي تستنزف الوقت والموارد. في بعض الدول، نجد أحزابًا تتشكل على أسس طائفية أو قبلية أو حتى مصالح فردية، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية.
الدول لا تتعافى بالكثرة، بل بالجودة. نحتاج إلى أحزاب قوية ذات رؤى واضحة، تمتلك الكفاءات القادرة على تحويل الأحلام إلى إنجازات. يجب أن تكون المصلحة العامة هي البوصلة التي تقود العمل الحزبي، وليس المصالح الضيقة أو الرغبة في تحقيق مكاسب آنية.
وكفانا تهريجًا باسم الديمقراطية. الديمقراطية الحقيقية لا تعني التشتت والفوضى، بل تعني وجود نظام سياسي مستقر يُعبِّر عن إرادة الشعب ويعمل لصالحه. التهريج السياسي لا يبني وطنًا، بل يُدمره. وما نحتاجه اليوم هو حوار وطني صادق يهدف إلى تقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحفيز التنمية الاقتصادية.
إن تعافي الدول يحتاج إلى قادة صادقين وأحزاب مسؤولة وشعوب واعية. وما دون ذلك، سنظل ندور في دائرة مفرغة من التكرار والفشل.
⇧